بين زلزال الحسيمة والحوز…ما الذي تغير؟

بدأ المغاربة تدريجيا في العودة إلى “حياة طبيعية” متجاوزين تداعيات “زلزال الحوز”، الذي عدّه خبراء “الأكثر عنفا” على الإطلاق منذ أزيد من قرن بالمغرب؛ بيد أن ذلك من الصعب أن ينسيهم كوارث طبيعية سابقة مشابهة في الآثار والخسائر، وإن اختلف الزمان والمكان ووسائل وآليات التدخل.
ولعل زلزال 8 شتنبر 2023 سيترك ويخلف ندوبا عميقة على كل من عاشه، سواء من قريب أو من بعيد، لن تختلف كثيرا عما بصم به زلزال منطقة الريف عام 2004 الذاكرة الجماعية للمغاربة.
قال براق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الكوارث الطبيعية وتدبير المخاطر المرتبطة بها، ضمن قراءته للموضوع، أن “زلزال الحسيمة” استدعى -حينها- استجابة الدولة المغربية بمؤسساتها الإستراتيجية بسرعة للكارثة، وأرسلت فرق الإغاثة والإنقاذ إلى المناطق المتضررة، وتم تقديم المساعدات الطبية والإغاثية للمصابين والمتضررين، مع إجلاء السكان المحليين من المناطق المنكوبة”.
أما في زلزال الحوز، تابع عبد السلام “يمكن ملاحظة تجند كل المؤسسات الإستراتيجية للدولة المغربية من أجل تطويق الآثار المدمرة للزلزال الذي طال أيضا أقاليم شاسعة مجاورة كتارودانت وورزازات”.
“ما يجب الانتباه إليه هو أن المملكة المغربية بعد زلزال الحسيمة 2004، وبتوجيهات ملكية سامية في خطاب وجهه جلالة الملك إلى الأمة، اعتمدت على تطوير مخططات متكاملة للاستجابة في الكوارث الطبيعية وفق المعايير العالمية المتعارف عليها”، أورد خبير تدابير المخاطر، معددا هذه المعايير “سواء من مكتب الأمم المتحدة للحد من المخاطر الطبيعية أو باقي الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية التي يتقاطع مجال اهتمامها بإدارة الكوارث الطبيعية وتدبير المخاطر ذات الصلة.
شكل “زلزال الحوز”، حسب البراق شادي عبد السلام، “محطة اختبار حقيقي” للسلطات المغربية بمختلف تشكيلاتها ومستويات تدخلها، قائلا: “يمكن ضبط تدخل الدولة المغربية وفق التوجيهات الملكية السامية في استجابتها لمواجهة تداعيات أزمة الزلزال المدمر على ثلاث مراحل: الأولى همت تدبير الأزمة وإنقاذ الأرواح وإسعاف الجرحى وتبسيط إجراءات الدفن وإيصال الإعانات الغذائية والصحية. في هذه المرحلة، كان الهدف الرئيسي هو التعامل مع الحالة الطارئة وإنقاذ الأرواح المتأثرة بالزلزال”.
وفي تقييمه لإجراءات هذه المرحلة، رصد خبير تدبير المخاطر أنه “تم تنفيذ هذه الإجراءات وتسهيلها رغم صعوبات الوصول لبعض الدواوير النائية، مسجلا “الدور البطولي لمؤسسات الدولة الإستراتيجية”.