Non classé

“الظلام” يكتسح المحيط

أظهرت دراسة علمية حديثة أن أكثر من 20% من مساحة محيطات العالم فقدت جزءًا كبيرًا من شفافيتها خلال العشرين سنة الماضية، في تحول وصفه الباحثون بـ”المقلق”، لما يحمله من تداعيات بيئية خطيرة.

وأوضحت الدراسة أن هذه المساحة، التي تعادل نحو خمسة أضعاف حجم القارة الأوروبية، أصبحت أكثر عتمة، مما يهدد ما يُعرف بـ”المناطق الضوئية” في المحيطات، وهي المناطق التي تعتمد على أشعة الشمس وتضم غالبية الكائنات البحرية.

وسجل الباحثون تراجعًا في عمق هذه المناطق الضوئية بما يصل إلى 50 مترًا في مناطق واسعة، وتجاوز هذا الانخفاض 100 متر في بعض المناطق، مما أدى إلى تغيرات في سلوك الكائنات البحرية، أبرزها صعود بعض الأنواع نحو السطح بسبب حاجتها للضوء.

وأشار الدكتور تيم سميث، رئيس قسم العلوم البيوجيوكيميائية البحرية في مختبر بليموث، إلى أن هذا التغير يؤدي إلى زيادة التنافس بين الكائنات على الموارد، ما قد يسبب خللًا في التوازن الغذائي داخل النظام البيئي البحري، ويؤثر لاحقًا على البشر الذين يعتمدون على المحيطات في الغذاء والنقل والترفيه.

وترجع الدراسة أسباب هذا التغير إلى عوامل مختلفة، منها ارتفاع درجات حرارة سطح البحر، وازدهار الطحالب الضارة، إلى جانب زيادة الجريان السطحي الزراعي في المناطق الساحلية، الذي يضيف كميات كبيرة من المغذيات إلى المياه.

وسجّلت المناطق القطبية وقمة تيار الخليج قرب فلوريدا أعلى معدلات فقدان الشفافية، وهي مناطق معروفة بتأثرها السريع بالتغيرات المناخية.

وفي المقابل، رصدت الدراسة أن نحو 10% من المحيطات أصبحت أكثر إشراقًا خلال الفترة نفسها، ما يزيد من تعقيد فهم هذه الظاهرة.

واعتمد الباحثون في دراستهم على بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لناسا، خاصة قمر “أوشن كولور ويب”، الذي يقسّم المحيط إلى وحدات قياس بطول 9 كيلومترات، مع تطوير خوارزميات خاصة لقياس عمق المناطق الضوئية.

ويحذر الخبراء من أن أكثر من 80% من المحيطات ما تزال غير خاضعة للمراقبة الدقيقة، ما يعني أن حجم الظاهرة الحقيقي قد يكون أكبر مما أظهرته النتائج الحالية، في وقت تتزايد فيه الدعوات لاتخاذ إجراءات عاجلة لفهم التغيرات التي تشهدها المحيطات والحد من تأثيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى