اقتصاد

التأمين التكافلي يصدم زبناء البنوك

عبارات متهكمة، وأخرى مستنكرة، استقبل عدد من زبناء البنوك التشاركية في المغرب الإخبار الذي توصلوا به بشأن فائض التأمين التكافلي، إذ لم يتعدَّ المبلغ الذي توصّل به البعض درهميْن؛ في حين يقول خبراء إن التأمين التكافلي لا يزالُ في بدايته، وما زال مقتصرا فقط على تأمين العقار، متوقعين أن يتطوّر مستقلا.

وحفلت صفحات لزبناء البنوك التشاركية على مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات من قبيل: “6 دراهم حشومة كاع”؛ “ميساج (الرسالة النصية المتوصل بها) أكبر من الفلوس: 15 درهما”، كما كتب يونس، بينما علّق معاذ ساخرا: “توصلت بثروة هائلة أدخلت على عائلتي وأسرتي فرحة عارمة، وقدرت هذه الثروة بـ16 درهما”.

مصدر من قطاع التأمين التكافلي أوضح أن توزيع الفائض على المشتركين يتم بعد خصم أجر الشركة التي تدير التأمين والمصاريف التي تم إنفاقها كتعويض عن الأخطار، وما تبقى يتم توزيعه على المشتركين بحسب نسبة مساهمة كل مشترك، لافتا إلى ‘أن القانون المنظم لهذه العملية واضح”.

وأفاد المصدر ذاته بأن جزءا كبيرا من مساهمات المشتركين في التأمين التكافلي يذهب في التعويض الذي يُصرف في حالة الوفيات المسجلة في صفوف الزبناء المستفيدين من عملية “مرابحة”، الخاصة باقتناء العقار، مضيفا: “لا يمكن أن تمرّ سنة كاملة دون تسجيل وفيات في صفوف المؤمَّنين؛ وبالتالي صرف جزء كبير من مساهمات المشتركين”.

عبد السلام بلاجي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي، اعتبر أن الفائض الموزع على زبناء البنوك التشاركية المشتركين في التأمين التكافلي “عادي، لأننا في البداية”.

وأوضح بلاجي، في تصريح لهسبريس، أن ما يميز التأمين التكافلي هو استفادة جميع المشتركين فيه، إذا تحقّق فائض، بخلاف التأمين العادي الذي لا يتم توزيع أية نسبة من الفائض على المشتركين، بل يصبّ كله في خزينة شركات التأمين.

ويعزو خبراء المالية التشاركية سبب ضعف العائد الموزع على زبناء التأمين التكافلي إلى أن هذا النمط من التأمين بالكاد أكمل عامه الأول، حيث انطلق العمل به في شهر يونيو 2022.

في هذا الإطار، قال محمد أمين أكوزول، باحث في التمويل التشاركي، عضو مؤسس لأكاديمية الأبناك التشاركية، إن التأمين التكافلي ما زال مقتصرا على تأمينات المرابحة، متوقعا أن يتحسن الفائض خلال السنوات المقبلة.

وحسب المعلومات المتوفرة، فإن تعاونيات التأمين التكافلي لم توزع أي شيء على المشتركين لغياب الفائض؛ بينما لم يتعدّ ما توصل به زبناء بعض الشركات درهميْن، في حين ارتأت إحدى الشركات تأجيل توزيع الفائض إلى السنة المقبلة.

ويظهر أن شركات التأمين التكافلي لن تجد موطئ قدم لها في سوق التأمينات في المغرب بسهولة؛ فبعد التأخير الذي عرفه خروج هذا النمط من التأمين إلى حيز الوجود، فإن شركات التأمين العادي ما زالت تُبدي مقاومة لأي تأمين منافس.

واعتبر عبد السلام بلاجي أن شركات التأمين العادي “لن تتخلى بسهولة، لفائدة شركات التأمين التكافلي، عن جزء من السوق الذي ظلت مستحوذة عليه لعقود وتتقاسمه مع شركات مجهولة”.

وبالرغم من “هزالة” الفائض الذي حققته شركات التأمين التكافلي في عامها الأول، فإن الخبراء في هذا المجال يتوقعون تحسّن مردوديتها في السنوات المقبلة.

وقال بلاجي: “إذا توسعت قاعدة التأمين التكافلي، سيستفيد الجميع، سواء الشركات التي تُديره أو المشتركون”، مضيفا: “حتى إذا كان الفائض في العام الأول قليلا، فلا يمكن أبدا مقارنة التأمين التكافلي بنظيره التجاري، الذي لا يعود على المشتركين بأي عائد مالي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى